0
0
ما ترشد إليه سورة النازعات:
سورةٌ النازعات سورة مكيةٌ مثيرةٌ بحركتها الموسيقية، في معانيها المتحركة، التي تكاد تلهث في ملاحقتها، في ما توحي به كلمات: النازعات، والناشطات، والسابحات، والسابقات، والمدبّرات. فهناك حركةٌ دائبة تتنوّع ذات اليمين وذات الشمال، في الامتدادات وفي حيويّة إثارة القوّة والنشاط والتدبير الذي يحرّك الواقع. ويفاجئك الحديث عن يوم القيامة في رجفة الحركة، ووجيف القلوب، وخشوع الأبصار، والاستغراق في الحفرة التي يردّ الناس إليها، ثم يخرجون منها. ويثير هؤلاء المنكرون للقيامة السؤال، ويأتيهم التأكيد بأن المسألة لا تحتاج إلا إلى زجرةٍ واحدةٍ، ليواجهوا الموقف العظيم..
ويدخل في مقارنة بين حجم الإنسان وحجم الكون في سماء الله التي بناها وجعلها في حركتها تنتج الليل والنهار، وفي أرضه التي دحاها وفجّر منها الينابيع ومنحها حياة النموّ الذي يملأها بالخضرة، وفي جبالها التي تثبت مواقعها وتمنعها من الاهتزاز.
فهل يثبت الإنسان أمام هذه المقارنة؟ وكيف ينظر إلى حجمه ليستعلي على ربّه الذي تخشع له السماء والأرض؟ ولكن، إلى أين أيّها الإنسان؟ فمهما امتدت بك الحياة، فسوف تأتي الطامّة الكبرى التي لا تملك لنفسك فيها الخلاص الذاتي إلا من خلال عملك، فإذا كنت ممن يخاف «مقام ربه»، ويسير في خطّ هداه، وينهى نفسه «عن الهوى»، فستكون الجنة مأواك، وأمّا إذا كنت من الطغاة الذين يؤثرون الحياة الدنيا على الآخرة، فإنّ الجحيم هي مستقرك.
وتلك هي الحقيقة التي لا بدّ أن يؤمنوا بها. وليست المشكلة مشكلة توقيتها لتدخل في جدلٍ عقيم حولها من هذه الجهة، بل القضية التي تتحمل مسؤوليتها هي أن تنذر الناس من عذاب يوم القيامة، الذي مهما تأخر، فإنه ينتهي إلى الله سبحانه وتعالى.